خارجيا عمل على التسويق لخرافة الدفاع عن مؤسسات الدولة ضد الاصولية والإرهاب ولكنه في واقع الأمر خاض حربا ضارية على حقوق الإنسان، مستفيدا من صمت العواصم الأوروبية، منها باريس وروما. وما ينم بالغرابة هو أن تونس بن علي كان يتم عرضها والتلويح بها على أنها نموذج اقتصادي ناجح لاقتصاد السوق، لكن الحقيقة غير ذلك، فيما لم تزل أغلبية الشعب تعاني الحرمان، كانت الثمار تجنيها أقلية فاسدة مقربة من حاشية الرئيس المخلوع وأقاربه كعائلة زوجته التي تجاوز جشعها كل الحدود.
ما جرى في تونس ليس مجرد تمرد. لا ، بل إنه أكثر من ذلك. هذه ثورة شبانية ضد طبقة حاكمة فاسدة وفاشلة. إن الفضل كل الفضل يعود إلى شبان متعلمين منفتحين على العالم، إذ يقدر عدد السكان في تونس 11 مليون نسمة، ومنهم أكثر من 30٪ يستخدمون الإنترنت. إلى غاية ديسمبر من العام الماضي وصل عدد مستخدمي الفيسبوك التونسيين إلى مليونين ونصف. لهذا السبب لم تفلح استراتيجية الرقابة على الإعلام ومراقبة الاتصالات، وتمكنت القنوات الفضائية مثل الجزيرة والعربية وفرنسا24 من تقديم خدمات إعلامية بديلة عن اللإعلام التونسي الداخلي الموالي والفاقد كل مصداقية.
لذا كان من التبسيط والتضليل الحديث عن ثورة الكسكسي أو الخبز. إن المواطنين في العالم العربي يريدون الكرامة والعدالة الاجتماعية. وحالة نفسها بالنسبة لما شهده مثلا الشارع الجزائري من اضطرابات فإن غضب الشباب في الجزائر ينبع من خيبة أمل، إذ كيف نفسر عجز السلطات في الجزائر في استثمار 150 مليار دولار من أجل خلق فرص عمل للحد من البطالة ، فيما يظل الفساد يستشري يوما بعد يوم.
إن إنهيار نظام زين العابدين بن علي هو درس للأنظمة العربية. لا يمكن للحاكم العربي أن يحكم مدى الحياة ثم يمرر السلطة لأبنائه أو أقاربه. لقد قال الرئيس التونسي السابق في خطابه الوداعي: “فهمتكم ،أينعم، أنا فهمتكم”، ولكن ذلك لم ينفع لأن الوقت قد فات. عندما تستيقظ الشعوب من سباتها، لا يبقى للديكاتوريين إلا الهروب.