هل اعلان موت بن لادن يضع حدا لعَقد من العلاقات الصعبة بين المسلمين والغرب؟
لقد نجحت القاعدة في تصوير نفسها كمعبر عن “الغضب الاسلامي” وكطليعة في الكفاح الاسلامي السياسي والديني . والنتيجة هي ان كل شيء له صلة بالعالم الاسلامي نظر اليه في الغرب وكانه مقترن بالارهاب والجهاد والعنف (مثلا ، ماحصل بعد نشر صحيفة دنماركية للرسوم الكاريكاتيرية الشهيرة نُسب الى القاعدة ) . لا تنسوا ان مبيعات القران في الولايات المتحدة تزايدت بشكل هائل يوم واحد بعد هجمات 11 سبتمبر . لذلك صار ينظر الى اي عنف ذا صلة بالمسلمين من منظار لاهوتي ، عبر الاشارة الى ما قاله القرآن حول الجهاد . حتى صراعات ذات طابع سياسي جلي ، مثل الكفاح الفلسطيني ، صارت تصنف كنوع من العنف الديني. وبالتالي فان مفهوم “الحرب على الارهاب” دمج حركات مختلفة باجندات مختلفة تحت نفس التأويل.
على الجانب الاسلامي ايضا، رغم انه كانت هناك مئات الفتاوى والاعلانات التي ادانت الهجوم على مركز التجارة العالمي بشكل لا لبس فيه ، فقد كان هنالك نوع من عدم الارتياح والازدواجية. كان هنالك سخط قوي تجاه الاستراتيجية الامريكية في الاستجابة للهجمات مثل احتلال العراق في وقت بدا واضحا انه لم تكن هناك علاقة له بالهجمات واطلاق صفات الارهاب والراديكالية على بعض رجال الدين والمثقفين الذين يتمتعون بشعبية ، مثل الشيخ القرضاوي او طارق رمضان. بالاضافة الى ذلك، الطلب من المسلمين “المعتدلين” الدعوة لـ “اصلاح” الاسلام والادانة الصريحة لـ “الراديكاليين” عززت من مشاعر الاسلاموفوبيا وتقريع المسلمين لكن في النهاية، كان للحدث تأثير مهم من حيث انه أجبر الكثير من المسلمين لكي يبحثوا عن خطاب اكثر تعقيدا ودقة.
في الحرب ضد الارهاب الاسلاموي، هل يمكن ان نعتبر الاجيال الشابة من العرب الذين نزلوا الى شوارع القاهرة وتونس ودمشق وعمان وغيرهم، اسوأ اعداء القاعدة ؟
نعم انهم كذلك لسببين، الاول هم “يتجاهلون” القاعدة ، وثانيا انهم تبنوا خطابا سياسيا يقوم على منطلقات معارضة لتلك التي استند عليها فكر القاعدة. لم يتم ذكر القاعدة ابدا او الاشارة اليها في شعاراتهم، ولم ترفع اي صورة لبن لادن. هذه اللامبالاة تجاه القاعدة استمرت حتى بعد ان وصلت الاخبار عن مقتل بن لادن الى الجمهور، لا مظاهرات ابتهاج او حزن. هذه اللامبالاة هي اسوأ ما يمكن ان يحصل لبن لادن، فلقد كانت استراتيجيته تقوم على تصدر عناوين الاخبار، فذلك هو التأثير الحقيقي الوحيد للهجمات الارهابية التي لم يكن لها تاثير جيو-استراتيجي او اقتصادي مهم.
القاعدة ليست منظمة جماهيرية ذات قاعدة سياسية، ان قدرتها على الوجود مرتبطة فقط بقدرتها على الفعل، لذلك فان القاعدة قد قُتلت سياسيا من قبل “الربيع العربي” قبل ان يتم قتل بن لادن فعليا. النقطة الثانية هي ان الخطاب السياسي للمتظاهرين هي النقيض الدقيق لسردية القاعدة: لا احد تحدث عن دولة اسلامية، بل دولة ديمقراطية ، ولا احد تحدث عن مواجهة بين الاسلام والغرب، بل عن قيم كونية (الديمقراطية ، حقوق الانسان ، والاحترام.
الان سنرى مدى اهمية دوره الحقيقي في النشاطات الارهابية العالمية؟
بالتاكيد، لكن القاعدة هي واجهة اكثر من كونها تنظيما مركزيا بدقة اكبر قد يحصل تعايش بين كليهما (الواجهة والتنظيم الارهابي)، لكن لاشئ يمنع الجماعات المحلية والافراد من الادعاء انهم يعملون باسم القاعدة الاكيد ان نشاطاتهم تحظى بتأثير اكبر اذا مافعلوا ذلك.
لقد استغرق الامر وقتا طويلا جدا حتى تم العثور عليه وقتله، على الرغم من البلايين التي انفقت على الاستخبارات والتقنيات العسكرية المتطورة. ويبدو وكأن الامر لا قيمة له بالنسبة لمشاكل المنطقة الاوسع.
نعم، ربما كان الخطأ الاكبر هو التفكير بالسيطرة العسكرية على الارض. بن لادن كان قادرا على الهرب من الجيش المحتل، لكنه سقط امام وسائل الاستخبارات التقليدية. ثانيا، المشكلة في افغانستان وباكستان لم تكن قضية القاعدة بقدر ما كان اهتمامها منصبا على تعزيز التوجه الراديكالي داخل حركة طالبان على جانبي الحدود بين افغانستان وباكستان.
ماهي النتائج السياسية لموته؟
مصادفة الموت السياسي للقاعدة مع الموت الفيزيائي لبن لادن مهمة جدا بالمعنى الرمزي انها انهت فصلا، بما يسمح بتبني سياسات مغايرة (تجاه حماس ، وتجاه افغانستان ) وتطوير منهج مختلف تجاه علاقة الاسلام بالغرب.