هذا الرجل المتواضع والكريم ضحى من أجل أفكاره ورضي بالمنفى حتى لا يخون اعتقاداته. لقد أثارت طروحاته في التسعينات حفيضة الأصوليين مما أدى إلى حرمانه من حقه في الترقية إلى درجة الأستاذية في الجامعة. ولم يتوقف الاضطهاد عند هذا الحد، فقد أُتهم بالردة وصدر حكما قضائيا بوجوب فصله عن زوجته الدكتورة ابتهال يونس. ولم يبق أمام نصر أبو زيد وزوجته إلا المنفى في هولندا حيث استمر في التدريس في جامعتي ليدن وأوترخت.
في السنوات الأخيرة عاد مرارا إلى مصر لإلقاء المحاضرات ولم يتخل عن أطروحته الرئيسية الداعية إلى الابتعاد عن التفسير الحرفي للقرآن. كان أبو زيد مسلما مؤمنا مما جعله يعيش تهمة الردة كإهانة كبيرة. وروى في سيرته الذاتية التي كتبها مع نافيد كرماني والموسومة “حياتي مع الإسلام” ما تعرّض له من تهديدات بالقتل.
إذا شاءت الأقدار أن تنتشر الديمقراطية في العالم الإسلامي يوما ما، فإن كتب التاريخ ستشهد أن هذا الرجل القصير القامة والعليل الصحة قد بذل جهدا كبيرا حتى يضل باب الاجتهاد مفتوحا.