هل كان بن لادن مجرما ليقبض عليه أم عدوا ليقتل؟
جانكارلو بوزيتي 16 May 2011

في فرنسا انتقدت (ليبراسيون) بشدة ” الخطاب السُمِي” لـ “الوطنية” الذي تم التعبير عنه في الاحتفالات التي نظمت خارج البيت الابيض. الصحف الايطالية نشرت ايضا معالجات نقدية للموضوع ، فالقاضي انتونيو كاسيسي، الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، كتب في (لا ريبوبليكا) في السادس من مايو/ايار ان الولايات المتحدة قد خرقت بهذا العمل القانون الدولي بثلاث طرق. الطريقة الاولى هي ما يزعم عن تمكن الامريكيين من الوصول الى المجمع السكني الذي قطنه بن لادن عبر استخدام التعذيب (لكن ذلك لم يتأكد او يثبت بعد)، الثانية هي القيام بعملية عسكرية في الاراضي الباكستانية بدون طلب موافقة السلطات الباكستانية مقدما (وهي جريمة اعفى كاسيسي الرئيس اوباما من ارتكابها لان التجاهل الباكستاني للموضوع كان واضحا). اما الطريقة الثالثة فهي عملية القتل بذاتها، اذ انها ممارسة ليس لدى الدول تخويل للقيام بها الا في حالتين: حالة الحرب او خلال قيام الشرطة بعمليات يواجهون فيها بمقاومة او اطلاق نار او تحرك يمكن ان يشكل خطرا على حياة رجال الشرطة من قبل الشخص المطلوب. يعتقد كاسيسي ان قرار قتل بن لادن تم اتخاذه منذ البداية، ورغم انه لايعتبره قرارا مشروعا فانه يظهر استعدادا لتفهم الظروف، اخذا بالاعتبار ان السياسية غالبا ما تسود على الاخلاق والقانون.

العدد الصادر في 9 مايو / ايار 2001 لـ (لا ريبوبليكا) عبر ماريو بيراني عن رأي مغاير، متفقا مع جوناثان سافران فوير الذي قال ان بالامكان خدمة العدالة بطرق عديدة وليست جميعها بنفس الجودة، مضيفا انه “في هذه الحالة ربما كان يمكن للامور ان تجري على نحو افضل. لكن ذلك لا يعني ان العدالة لم تتحقق” ، وهو لم يتفق مع كاسيسي الذي يعتقد “انه توجد حرب بين الولايات المتحدة والقاعدة ، لا حرب دولية ولا حرب اهلية، وان العمليات الامريكية ضد الشبكات الارهابية هي مجرد عمليات بوليسية ” . فقط في مثل هذه الحالة يرى بيراني ان بامكاننا ان نتحدث عن “جريمة قتل”. لكن ذلك لا ينطبق على هذه العملية لانه كانت هنالك حرب بدأت مع “الهجوم” على نيويورك. انها حرب اشعلها الارهابيون تتخذ شكلا مختلفا عن الحرب التقليدية، لكنها مع ذلك تظل حربا بمواصفات لاتترك مجالا امام الاخلاقيات “النبيلة”.

بيراني كان مخطئا في القول ان الحرب اشعلها “التطرف الاسلامي” لان القاعدة، لحسن الحظ، هي مجرد قطعة صغيرة جدا في ظاهرة اوسع بكثير هي “الاصولية” كما اعتاد الجنرال بترايوس ان يكرر القول بحكم تجربته في العراق، لكن القاعدة تظل في حالة حرب. يقترح بيراني عقد مقارنة مألوفة لجيله مع نهاية موسوليني الذي تم اختطافه وقتله من قبل المقاومين في دونغو وتم عرض جثته في بيازالي لوريتو: “على الرغم من وحشية العمل، فانه حظي بتحية ملايين الايطاليين بوصفه عملا عادلا لا مهرب منه في وقته . القلة التي اعترضت على عدم اعتقاله ومحاكمته ووجهت بالتشكيك” . لذلك رغم صعوبة القرار الذي اتخذه الرئيس اوباما، فان هذه العمل العسكري بما حفل به من ديناميكيات خطيرة تتضمن احتمالا كبيرا لموت اكثر شخص مطلوب في العالم، ساعد على تجنب مواجهة مخاطرة اكبر”.

نقاش مشابه حصل بين ممثلي الثقافة الليبرالية الامريكية المتعددة الاتجاهات اراء مهمة تم استظافتها في موقع مجلة (ديسينت) الذي يحرره مايكل والزير. اكثر الاراء اقناعا عبر عنه الفيلسوف المختص بقضايا الحرب العادلة وغير العادلة ، الذي عندما طرح عليه السؤال حول مااذا كان اسامة بن لادن يعتبر عدوا يجب قتله في الحرب او مجرما يجب القاء القبض عليه في عملية بوليسية، اجاب بالقول ان كلا الفرضيتان صحيحتان في ظرف معين. القتال ضد ارهاب القاعدة هو وظيفة الشرطة ، كما يحصل في اوربا . “لو كان بن لادن يختبئ في فرنسا كان سيتم القاء القبض عليه واعتقاله ووضعه في المحاكمة” . كذلك ، بسبب الاخطاء التي اقترفت في اسلوب ادارة الحرب في افغانستان ، انتشر الصراع الى باكستان، وهي دولة غير قادرة على منع التخطيط للهجمات ضد الولايات المتحدة على اراضيها. “باكستان ليست منطقة سلام لا بالنسبة للقاعدة ولا بالنسبة للولايات المتحدة . لذلك فان قتل اسامة بن لادن لم يكن ابدا “عملا غير عادل”.

ترجمة : حارث القرعاوي